|
|
أمحِ ما تفعله أنت، لكي يخلِّص الله ما قد فعله هو |
القدِّيس أغسطينوس |
وأما من يفعل الحق، فيًقبل إلى النور، لكي تظهر أعماله أنها بالله معمولة
|
أن تُدعى إنسانًا فهذا من عمل الله، وأن تُدعى خاطئًا، فهو من عمل الإنسان ذاته. امحِ ما تفعله أنت، لكي يُخَلِصْ الله ما قد فعله. يليق بك أن تكره عملك الذاتي فيك، وتحب عمل الله فيك. عندما لا تسرك أعمالك الذاتية، في هذا تبدأ أعمال الله الصالحة، إذ تجد خطأ في أعمالك الشريرة. الاعتراف بالأعمال الشريرة بداية الأعمال الصالحة. إنك تعمل الحق وتأتي إلى النور. كيف تعمل الحق؟ لا تدلل نفسك ولا تهادنها ولا تتملقها، ولا تقول: "إني بار" بينما أنت غير بار؛ هكذا تبدأ تفعل الحق. تأتي إلى النور لكي ما تعلن أعمالك أنها بالله معمولة، لأن خطيتك لا يمكنك أن تبغضها ما لم يشرق الله فيك ويظهره الحق لك. أما من يحب خطاياه حتى بعد نصحه، فهو يبغض النور الذي ينصحه ويهرب منه، فالأعمال التي يحبها لا تظهر له أنها شريرة. من يفعل الحق يَتهم أعماله الشريرة فيه، ولا يبرر نفسه، ولا يصفح عن نفسه حتى يغفر له الله. فمن يرغب في أن يغفر له الله هو نفسه يعرف خطاياه ويأتي إلى النور، حيث يشكر على إظهار ما يلزمه أن يبغضه في نفسه. إنه يقول لله: "ردّ وجهك عن خطاياي". ولكن بأي وجه يقول هذا ما لم يضف: "لأني أنا عارف بآثامي، وخطيتي أمامي في كل حين" (مز 51: 11). لتكن آثامك أمامك يا من لا تريدها أن تكون أمام الله. أما إن وضعت خطاياك خلفك، فسيِّدفعها الله ليجعلها أمام عينيك، يحدث هذا في الوقت الذي لا يعود يوجد فيه ثمر للتوبة . اكشف عن عينيَّ، فأُدرك خطاياي، واعترف أنها من صنع إرادتي الشرّيرة. أصرخ إليك، فتغسلني بدمك مما فعلته بنفسي.
|
|
|
اقامة ميت
|
تنيح منذ وقت قريب كاهن قديس كنت قد تعرفت عليه منذ فترة. كان فى حياته رجلا بسيط القلب مملوء بالعاطفة . كانت نفسيته بسيطة ، علاقته بالمسيح ليس فيها قلق و لا تعقيد ، كان يحب المسيح من قلب بسيط كقلب طفل صغير . توطدت العلاقة بيننا جدا ، و كنا كلما ألتقاينا لبعض الوقت نتكلم عن أعمال الله و تأملنا فى كلامه و وعوده الصادقة .
قال لى مرة و نحن نتكلم عن أعمال الله ، أن من أعجب القصص التى عاشها فى خدمته : ذات مرة فى يوم سبت النور , بعد أن سهرت بالكنيسة حتى الصباح , وبعد إنتهاء القداس الألهى الساعة السابعة صباحا ذهبت لبيتى لأستريح ... أيقظونى بإنزعاج و قالوا لى: "قم إعمل جنازة" ... قمت من نومى العميق منزعجا ، وسألت: "من الذى مات؟" ... قالوا لى الولد فلان (.....) أبن ثلاثة عشر عاما ... لم يكن الولد مريضا و لكن فى فجر اليوم وجدوه ميتا ... و حزن أهل الصعيد صعب و صلوات الجنازات رهيبة ... لا سيما إذا كان موت مفاجىء أو ولد صغير السن . قمت حالاً وأنا أحاول أن أجمع ذهنى , مغلوبا من النوم ، كأنى تحت تأثير مخدر من شدة التعب ... لم أستوعب الأمر بعد .
كنت أعمل كل شىء كأنى آلة تعمل بلا إدراك ، غسلت وجهى و ذهبت إلى الكنيسة ... وجدت الناس فى حالة هياج و عويل ... دخلت الكنيسة باكيا مشاركا شعبى فى حزنه ... وضعوا الصندوق أمامى ، و كان من عادتهم أن يفتحوا الصندوق ويصلى على المتوفى و الصندوق مفتوح .
صليت صلاة الشكر ، ثم رفعت الصليب ، و بدلا من أن أصلى أوشية الراقدين ، صليت أوشية المرضى بغير قصد و لا إدراك ، كأنى مازالت نائما ... وفيما أنا أصلى وأقول: " تعهدهم بالمراحم و الرأفات ... أشفيهم " ، إذ بالصبى يتحرك وهو مسجى فى الصندوق ... لم أصدق عينى ، جسمى كله أقشعر . تجمدت فى مكانى ... أجمعت كل شجاعتى وأكملت الصلاة ... و زادت حركة الصبى ...
صرخت : " إنه حى " ، هاجت الدنيا حولى ... فكوا الولد من الأكفان ... إنه حى ... سرت موجة فرح الحياة ... إنقشعت أحزان الموت ...
عزيزى القارئ
إنه يوم سبت النور ، يوم كسر المسيح شوكة الموت.
" أين شوكتك يا موت , أين غلبتك يا هاوية " (1كو 55:15)
|
|
|
|