|
|
هل نُعَلِمْ الرب كيف يدبر حياتنا؟ |
القدِّيس باسيليوس الكبير |
|
يقول (أيوب لزوجته): "تخلِّي عن هذه المشورة. إلى متى تُدنسين حياتنا معًا بكلماتك؟ إنكِ تنطقين باطلاً عن طريق الحياة التي كانت لي، وها أنتِ تتآمرين علي حياتي. الآن احسب نصفي قد ارتكب عملاً شريرًا، حيث أن الزواج جعل منا نحن الاثنين جسدًا واحدًا، وها أنتِ تجدفين! إن كنا نتقبل الخيرات من يد الرب، ألا نقبل الشر (المحن)؟ تذكَّري بركاتنا السابقة. وازني فيض خيراتنا مع هذه الكوارث، فليس من إنسان يعيش كل حياته سعيدًا. الازدهار في كل شيء يخص الله وحده. لكن إن كنتِ قد صرتِ حزينة بالظروف الحاضرة فلتتعزى نفسكِ بتذكر الماضي. الآن أنتِ تبكين، لكن في الماضي كنتِ تضحكين. الآن أنتِ فقيرة، لكنك كنتِ غنية. لقد اعتدتِ أن تتجرعي من مجرى الحياة مياها نقية. لتشربي بصبرٍ من هذا المجرى العكر. مياه النهر لا تبدو نقية تمامًا. حياتنا كما تعلمين نهر يفيض بلا توقف ويغطى بأمواجه موجة فوق موجة. جزء من المجرى قد فاض فعلاً، وجزء آخر سيفيض تباعًا في حينه. كلنا نسرع نحو البحر العام للموت. إن كنا قد أخذنا خيرات من يد الرب فهل لا نقبل الشر (الضيق)؟ هل نُلزم ديَّاننا أن يمدنا دومًا بذات الفيض؟ هل نُعَلِمْ الرب كيف يدبر حياتنا؟ إنه صاحب السلطان علي قراراته. إنه يوجه أمورنا حسب مشيئته. لا تفحصي قرارات الرب في حب استطلاع، إنما فلتحبي تدبير كلمته. اقبلي ما يهبه لكِ بكل مسرة. اثبتي في المحنة فتستحقي الفرح الذي كان لكِ قبلاً" . أنا أعلم أنك تسير في وادي الدموع، وتجتاز وادي الموت. لا تخف، إني رفيقك. أظلل عليك بجناحيَّ، فلا تقدر الأحداث أن تحطمك. لن أنزع التجارب، فبدونها لا تختبر ظل جناحي، ولا تطلب الإقامة هناك.
|
|
|
ليتنى كنت عصفورا
|
جلس الأب في كرسيه وأمسك بالجريدة يقرأها وبجانبه كوب الشاي, كان وحده في المنزل .. لقد ذهبت زوجته وابنه وابنته إلى الكنيسة لحضور القداس. كانت الليلة هي ليلة عيد الميلاد المجيد … لقد طلبوا منه وألحوا عليه كثيراً أن يأتي معهم … أما هو فأبي .. لم يكن مقتنعاً بالتجسد.
كيف لله أن يأخذ صورة أبن آدم .. الله العظيم الأبدي كيف يتنازل ويأخذ صورة العبد ؟؟!! لا, هذا مستحيل, كانت هذه الأفكار تدور في رأسه عندما سمع صوت ارتطام بزجاج الحجرة .. ثم تكرر الصوت عدة مرات متوالية .. !!!
قام من جلسته وفتح باب البلكونة فوجد ثلاث عصافير واقفون على السور وهما يكادوا أن يتجمدوا من البرد, وقد جذبهما نور الحجرة.
أشفق عليهم ودخل واحضر لهم بعض من فتات الخبز وقليل من حبات الأرز, ثم وضعه على أرض الحجرة علهم يدركوا أن هذا طعاما فيدخلوا من البرد وينجوا, ولكنهم لم يتحركوا, حاول أن يمسكهم فهربوا منه بالأكثر, أصدر صوصوة ليعطيهم الأمان فلم يستجيبوا.
احتار الرجل كثيراً وقال: ” ليتني كنت عصفوراً فأستطيع أن أقول لهم أن الصندوق به طعاماً وأن الحجرة دافئة وأنني لن أضرهم “.
وما أن قال ذلك حتى صرخ صرخة عظيمه وجثا على ركبتيه وصلي: ”آه يارب إذا كنت أنا قد أشفقت على ثلاث عصافير واشتهيت أن أكون مثلهم حتى أخلصهم من البرد والجوع, فكيف لا أصدق أنك أشفقت علينا وتجسدت لتخلصنا من الهلاك الأبدي .. كان لابد أن تتجسد لتظُهر لنا حب الله وتفدينا بدمك “.
انتهي قداس عيد الميلاد وفوجئ أولاد الرجل وزوجته بأنه قد أتي وحضر الصلاة واحتفل بعيد الميلاد.
“إما أنا فقد أتيت ليكون لهم حياة وليكون لهم أفضل”
|
|
|
|